تكتب ميلاني روبنز أنّ زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن هذا الأسبوع تواكب لحظة حرجة تخص وقف إطلاق النار في غزة. كل الأطراف الإقليمية تبدو مُرهَقة ومتشائمة ومستعدة لسيناريوهات انفجار جديدة، بينما يقف وقف النار على ورق فقط، بلا هيكل سياسي أو أمني أو إنساني قادر على تثبيته.

 

ويرى أتلانتيك كاونسل أنّ غياب بنية استقرار حقيقية يخلق فراغًا خطيرًا، ويحوّل تعدد المبادرات والتصوّرات المتضاربة إلى وصفة لعودة الفوضى التي جعلت غزة غير قابلة للحكم في فترات سابقة.

 

فرصة لوقف الانهيار

 

تشرح الكاتبة أنّ غزة والمنطقة لا تحتملان دورة جديدة من الانهيار. وترى أنّ أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة لمنع ذلك عبر ضمان تمويل دولي مستقر للقطاع، بما يسمح باستمرار الأنشطة الإنسانية الأساسية. وتضيف أنّ ترامب بحاجة أيضًا إلى توحيد المسارات المدنية والعسكرية في غزة قبل أن تستغل حماس تشتّت السلطة وتعيد فرض نفوذها.

 

وتشير إلى أنّ محادثات واشنطن يمكن أن تصنع إطارًا واقعيًا لمرحلة انتقالية ما بعد الحرب. وتدعو إلى إعلان صندوق سعودي أمريكي لتثبيت وقف النار، على أن يحظى بدعم إماراتي، بما يعزز الثقة السياسية لدى الفلسطينيين والإسرائيليين في آن واحد.

 

وترى أنّ التمويل السعودي قد يدعم رؤية ترامب للسلام، لكن غياب مسار واضح لحل الدولتين يحدّ من انخراط الرياض. ومع ذلك، يمكن للولايات المتحدة والسعودية والإمارات خلق خطة تنفيذ متماسكة إذا توحّدت الإرادة السياسية.

 

فوضى تخطيطية وغياب قيادة واضحة

 

تلفت روبنز إلى أنّ مجلس الأمن أقرّ إنشاء “مجلس سلام” و”قوة استقرار دولية” بقيادة ترامب، لكن القرار يبدو فارغًا ما دام غامضًا في الجانب العملي. وتوضح أنّ عدة كيانات أمريكية تعمل في مسارات متوازية: مكتب المبعوث ستيف ويتكوف، ودوائر في الخارجية، والسفارة، وقيادة سنتك. ولا توجد خطة موحدة أو قيادة سياسية وعسكرية محددة.

 

وتؤكد أنّ قوة الاستقرار تحتاج إلى هيكل قيادة واحد. فمسارات المساعدات والممرات الإنسانية وأمن الحدود ونزع السلاح وإعادة الإعمار لا يمكن إدارتها بأوامر متضاربة. وتشير إلى أنّ الخبراء يتفقون على أنّ جنرالًا صاحب خبرة إقليمية يستطيع وحده إعادة الانسجام للمسار العسكري، وترى أنّ الجنرال إريك كوريلّا –القائد السابق لسنتك– مؤهل لهذا الدور، ويحظى بقبول إسرائيلي وخليجي، ويعمل بالفعل في هياكل تنسيق مرتبطة بغزة.

 

وتوضح أنّ تعيينه قائدًا سيضمن أن تعمل الخارجية والدفاع تحت تفويض واحد، وأن يتحرك المقاولون داخل غزة عبر خط قيادة موحّد، وأن يبقى المسار المدني مرتبطًا بالميدان.

 

وتشير أيضًا إلى أنّ الغموض يؤثر على التخطيط الدولي، إذ تتداول عدة أطراف خططًا متوازية –منها خطة السلطة الفلسطينية من 173 صفحة– لكنها كلها تفتقر إلى بنية متكاملة تربط الإغاثة بالأمن بالحكم. وترى أنّ غزة تحتاج خدمات أساسية فورية، ونظامًا مدنيًا بسيطًا، واستقرارًا طبيًا أوليًا: مياه، صرف صحي، إدارة نفايات، استجابة طارئة، ورعاية أولية.

 

الدور السعودي الإماراتي ومسألة المناطق الآمنة

 

تبيّن روبنز أنّ صندوقًا تدعمه السعودية والإمارات يمكنه معالجة حاجات فورية: إزالة الذخائر غير المنفجرة، تأمين ممرات الإغاثة والفرق الطبية، تجهيز المستشفيات والملاجئ، دعم الفئات الضعيفة، والإعداد لانتشار قوة الاستقرار. وترى أنّ غزة ستحتاج إلى عشرات المناطق الإنسانية المحمية المرتبطة بخط إمداد فعّال.

 

وتشير إلى أنّ الحل العملي موجود بالفعل عبر شركات خدمات متكاملة (ISPs) تضم فرقًا أمريكية وأوروبية مخوّلة بحماية طرق الإمداد والمعابر والممرات اللوجستية. وتوضح أنّ هذه الفرق تحدّ من خطر تدخل الفصائل المسلحة وتعزز ثقة السكان في وقف النار.

 

وتذكر أنّ مئات العناصر الأمريكيين يعملون حاليًا داخل غزة وحولها، ولديهم ثقة كبيرة من الجانب الإسرائيلي وقدرة عالية على الحركة داخل القطاع. وتقول إن استمرار هذا الوجود يتطلب قيادة أمريكية موحدة وتمويلًا دوليًا ثابتًا.

 

وتحذر من أنّ “المناطق الآمنة” المقترحة شرق غزة لن تصمد ما دامت حماس قادرة على التحرك عبر شبكة الأنفاق. وتنتقد الاعتماد على خطوط فصل سطحية مثل “الخط الأصفر”، وتدعو الولايات المتحدة إلى تجديد رفضها لأي تقسيم طويل المدى للقطاع. وترى أنّ أي مناطق آمنة مؤقتة يجب أن تنتشر في القطاع كله، وأن تُربط بشروط صارمة لتفكيك الأنفاق، وإلا ستخلق وهم استقرار ينهار سريعًا.

 

نافذة ضيقة وفرصة قد لا تتكرر

 

تختتم روبنز بأن الزيارة تفتح نافذة نادرة لتوحيد القيادة السياسية والتمويل والدعم الدولي خلف خطة استقرار واحدة. وترى أنّ السعودية قادرة على توفير الغطاء السياسي، والإمارات على قيادة التنفيذ، والولايات المتحدة على توفير البناء القيادي والوزن الدبلوماسي.

 

وتحذر من أنّ النافذة ضيقة، وأن غياب دعم فوري وملموس لأهالي غزة سيترك المجال لقوى تعمل ضد مصالح واشنطن وتل أبيب وشركاء المنطقة، وضد آمال الفلسطينيين في مستقبل آمن. وتؤكد أنّ هذا الأسبوع يشكّل لحظة حاسمة لتثبيت وقف النار والتحرك على الأرض بقرارات واضحة وتمويل كافٍ، لأن أي تقاعس قد يعيد الصراع إلى نقطة البداية.

 

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/how-trump-can-leverage-the-saudi-crown-princes-visit-to-help-secure-gazas-future/